الجمعة، 30 ديسمبر 2011

قراءة نقدية في أعمال الفنان الكاريكاتيري حيدر الياسري


نعم هي المعاناة، التي تخلق الفن العظيم، حتى لو كان هذا الفن بائس الملامح والرؤى والجماليات ومتقشف الإغراءات وليس مبعث للمتعة والتسلية وهنا مكمن الهدف، في عظمة رقي دور الفن بين الناس، في شخصيته التاريخية، والحضارية. وفكرة الصلب في هذا البيدر الكوني، أولى الالتماعات، نحو معاناة الفن في فعل تجسيده الكبير، لتضمينات الواقع بلحمه ودمه وتاريخ الحدث به.
وهنا عمق الحدث واللحظة على مدى تاريخية، الشكل الأسطوري، لعلائق التاريخ بفعل الإنسان / الفنان المبدع، كما فعلها الإنسان الأول في، خاصية الخلق في الفن والحياة، ومن هنا جاءت اكتشافات أعماق التكوين الإنساني والتشكيلي والجمالي، في فنون تشكيل المجتمعات الإنسانية الأولى، في الحضارات الإنسانية الأولى، فأصبحت شاهد عيان ومعلم من معالم أثر الإنسان في أنتاج مواقف إنسانيته، التي هي بلا استثناء، ظاهرة للعيان، وفق احتياجاته الشخصية والاجتماعية والروحية، في هذا المنجز الجمالي، لفعل الإنسان. حيث هو تجسيد لحالات ولحظات انفعالية، كانت تعتبر من عوامل حياة الإنسان، في كل ما يتصل به، من مسكن وملبس وأدوات وحياة. ومنذ أقدم العصور والمجتمعات الإنسانية. رسم الفن دوره بين الناس، عندما حفر الإنسان الأول، لوحاته الأولى في فرنسا واسبانيا وهذا ما يعود تاريخه إلى ما يقرب من 20000عام ق .م لكي تدلل هذه الرسومات الكهفية، إلى أن الرسم التشكيلي أو التصوير الفني قد نشأ قبل ذلك التاريخ بزمن بعيد، حيث تبدو الرسومات الإنسانية الأولى، هي ذات ما وجد من أشارات ورموز وخطوط وتداعيات، تمثلت روح الإنسان الأولى وتجاوزت بدائيته، إلى فرز أبداعي هام.
هو نواة جهد من يرى تجربة حياة الفنان التشكيلي الكاريكاتوري العربي العراقي العالمي (حيدر الياسري) بعدما تمكنت منه الفردية بالفن واتسعت مجال الحدس الفني بها. لتكون بمؤثراتها محلقة.صدق المعاناة والأهداف السامية التي يدعو بها الفنان ( الياسري ) في شكل تجربة فذة، قد نشأت عن تاريخ مختمر، وعريق في القدم . قوامها تجربة الفن التشكيلي العربي العراقي . وخصوبة الفن ألرافدي وحضارات مابين النهرين . ومنها التجربة الإبداعية، والجمالية، العراقية. التي تجاوزت حدود الزمان والمكان، فأصبحت خالدة أبدا، عبر فترات زمنية جميلة، هي المقياس الحقيقي لتراث الإنسانية . والوحدة العضوية . بين الشعوب في مهد هذه الأرض الكونية. وبعيدا عن قومية الفن التي تأسر الفن وتقيده بمحيط أسلاك شائكة. يأتي في خفايا تجربة ( الحيدر الياسري ) الإنسانية. مكوناتها الإبداعية. حيث عواملها ( التفرد والمثابرة والإبداع ) وتلك الحدود التي عبرت الحدود . لتعيش احتياجاته النفسية والشخصية . والمجتمعية. وتتعمق بالنشاط المصاحب للعملية الإبداعية . في جهده الإبداعي والإنساني. ولأنه اختار أصعب الفنون التشكيلية في خاصية فن الرسم الكاريكاتيري . وهو من أصعب الفنون التشكيلية . على الإطلاق . وذلك لأهمية الرسم المباشر والحس المباشر في فرز نمو القدرات الإبداعية . في إنتاجيته . حيث المبدع هنا . مباشر وميداني وعملي . ولا يؤمن إلا بالصياغات والتصورات ومقاييس الذكاء والفرق بينهما. ولهذا جاءت إبداعات الرسام الكاريكاتيري وعلى مر العصور استفاضة مقدرة الفنان / الإنسان . الذي يقرأ الواقع بعين ذكية . فاحصة. وناقدة . وساخرة. ومفسرة . بتحليل خفي عجيب. قد لا يصل إليه الفنان المصور . عبر مزيج إبداعه أو في فن ألوانه وخطوطه . ومن هنا فاقة الوحدة الإبداعية الإنسانية . في فرضية عقلية. كانت الأقدر على أنتاج الحلول الجديدة. لازمات يومية. وسياسية. واجتماعية. على صعيد المبدع والفن والعلم والحياة العامة والمجتمع الذي يكون المحرض الأول والأخير. لدوافع شروط الفنان الكاريكاتوري . حيث هنا كنز الفنان الرسام الكاريكاتير . الذي من خلال الرسم البسيط والمعبر بخامة أولى لأدوات الرسم من قلم رصاص وحبر وفحم وألوان أخرى يكون متحف إبداعه . أو مواد صحفه . التي عرفت الرسم الصحفي . كواجهة أولى للإبداع والنشر والاحتكاك المباشر مع الشعب والناس والجماهير. ولهذا وفي مرات عديدة انتصبت ملامح افتراض التصورات في جهد مبدعنا الرسام ( حيدر الياسري ) وهو المشتعل البهي بمرئيات . روحه المبدعة . والمصورة. وفق سيوف البروق التي تشعل الورق والقماش. إلى اشتعالات . قد لا تنتهي . في لوحاته الفنية . العديدة. بل تتعداها إلى أعمار بشرية طويلة. هائلة. قد يراد منها . رسم مسلسل حياتي . كرنفالي . بكل ما هو هام وهامشي وحقيقي وخيالي .
قد يشكل به وعده الإبداعي والجمالي .للمستقبل . طارح عبر فنون الإبداع التشكيلي والتعبيري. توصيفه . لأوضاع الإنسان . الذي أصبح محور اهتمامه الإبداعي . على طول عمر التجربة. في بنائية التكوين في عالمه . حيث الأنسنة ومفردات التوافق الشكلي واللوني . والسياق ألتأليفي في حركيتها وتناغماتها . كمجال ملحوظ في مساحاته اللونية وطقوس أفكاره . الضاجة . إلى حدود الشغب الجميل. وكأنه يصوغ سجادة آدمية . في إيقاعات اتساقية تراثية تزينية. حيث لوحته اقرب إلى سجادة الإنسانية. عندما تكتظ بحرارة الصدق ألزماني والمكاني . في مكان توليف بنائية التكوينات التفاعلية. لكوادر تناقضات كونية. قد يجدها . الفنان / الرسام المصور الكاريكاتيري ( حيدر الياسري ) في عناصر التكوين أشبه بشريط سينمائي معتمد على المبالغات الشكلية والتشكيلية. وتوزع محكم الإغلاق على عناصره الفنية . لشرطية كل لوحة. أبداعية. وفق خطوط تداعياتها الإبداعية والتعبيرية.
فمن وحي وجوهه الآدمية. التي يحرص على أن تكون هي شكل أسلوبه الفني . في صراع بنائية الفكرة للوحته الكاريكاتيرية. التي تجاوز بها . حدود الرسم الكاريكاتيري المباشر . ذو النفع الآني والمنتهي صلاحياته بمجرد نشره . خدمة لمناسبة معينة. وهنا عمق بعض أزمة الرسامين الكاريكاتيريين العرب.
ليبقى ( الحيدر الياسري ) المنتمي إلى خواص فن إنتاج اللوحة الكاريكاتيرية التصويرية . المتحفية. المسندية. وبذلك بما يحقق للمتلقي العادي والمثقف . والإنسان في كل مكان . من معانقة جماليات هوية انطباعه في شكل كل ماهو ذاتي في ارتجاليات الحياة والفن والإنسان . حيث ذاتية الفنان ( حيدر الياسري ) هي من تقرر بقية الخطى المرتبطة في أنفاس الذات المبدعة. والمرتبطة. بالآخر. في كل ملوناته . وتداعيات خطوطه . لتكون في شكل توصيف جمالي . قد يأخذ من عناصر إبداعه . كل الجماليات المكان والانسان . وجموحه التعبيري لواقعية المواقف المشهدية.
ومع حكمة ضرورة التأمل البصري والذهني في ديناميكية الحياة المعاشة. وموروثها الحضاري ومشكلة الصراع الأزلي في تناقضات الخير والشر والإنسان والأرض ومجاميع استيعاب قصص اللحظات التاريخ الإنساني الفاصلة . تعيش لوحة الفنان مجدها الإبداعي والجمالي . وفق دلالاتها الترميزية الحاشدة في وعي مناقب المتلقي . الذي يؤدي دوره كطرف آخر. إلى منح أعماله أبعادها التأثيرية.
وفي ضوء تلاقح قيمه الجمالية التشكيلية . يبدع التشكيلي ( حيدر الياسري ) عالمه الفني التشكيلي المصور . وفق عدد كبير من اللوحات التصويرية المغرقة في الواقعية السحرية. عندما تكتظ صور أعماله بمجاميع أبداعية عن الخيل العربي الأصيل. وصور حركاتها وإلهاماتها الجمالية والحركية . وهي الراقصة . بذات المذهب الكلاسيكي الملتزم بمجاله الحيوي . حيث يأخذ مساحة واسعة من إبداعاته . في نبض الحياة . كي تصعد الروح العاشقة. في محيط بنية أثره التشكيلي . وتعبق ألوانه بفيوضات جياشة . من اللون المدهش . ونسيج حاني . من ذاكرة البشر والناس والتاريخ وتجسيد الشعر في لوحات فنية تشكيلية مبدعة. تأخذ من خاصية ( أخوة الفنون ) عندما تتصاهر بكل أبداعي وتجربة حياتية. كي تقدم وثائق جمالية. تلخص حياة الإنسان. في شتى وجوه الحياة. وملامح إنسانية. اللحظات الإنسانية. لهذا رسم الفنان التشكيلي المصور الرسام ( حيدر الياسري ) العديد من وجوه الناس والبسطاء والأمراء . والرؤساء والأدباء والنساء . والمطربون . والكتاب والنخب والوجوه السياسية العربية والعراقية والعالمية والعلامات الفارقة . وصارت بعض أعماله . علامات بارزة . تحسب لأسلوبيته المتفردة. في أسلوبيتها الفكرية والتقنية. لكي توثق بجهوده الفنية . الإبداعية. ملامح ومميزات لفن عربي خالد . يرسخ في حضوره البصري والجمالي . في أذهان المشاهد العربي والعالمي. بحس منهجية كوامنه الإبداعية. حيث يجسد النشيد والرثاء والأسوة الحسنة. في تلك الأعمال التي جسدتها أعماله في رحلة عمره الإبداعية. التي تحفل بالمواقف والجماليات والإرث الإبداعي الزاخر. بالعطاء والشغف. حيث المثالية في روحه. وأعماله . صورة الصور. وأجمل اللوحات . و فرادته التعبيرية الواقعية. في مجمل أعماله ولوحاته ورموزه . وكاريكاتيرا ته . ما هو إلا سياق أبداعي في حقيقة الفنان الملتزم بخدمة التفاعلات الإنسانية. و القيمية. لمجتمعه . ولأنه متجلي وحالم . وعاشق للحب والحرية. تأتي معالجاته الشكلانية. كمحتوى ومضمون وتقنية. نابض بالحيوية. واللون الصافي الذي يجذب الجمهور. في كل جمالياتها ودون حواجز فلسفية. حيث لا مقدمات وجدليات تفسيرية. حيث اتخذ الفن من البنية الدرامية. ووفق سياق مسرحي متمركز أساسا في بناءات لوحاته . في توزع مدروس للكتل البشرية واللونية والخطية. يظهر ذلك جليا . في ضوء وظلال وإظهار دقيق للتفاصيل . الدقيقة. في توازن إيقاعي متجانس مابين عناصر لوحاته المكونة. من بطل رئيسي في لوحته . يكون هو الأساس المتين. لنظرته الثاقبة. في مقدراته التقنية. والتي يظهر منها كرسام ومصور متمكن إلى حدود فائقة. تظهر عبقرية الفنان . بمناظير واقعية. انفعالية. متأنية. كلاسيكية . أكاديمية. خبراتية. أكثر دراية بالخامة والتعامل التقني مع اللون وفكرة الموضوع . لهذا شكلت مناحي الحياة وأزمات الواقع المعاش . ووجوه من يعشهم الفنان . لأنه عاشق بالفطرة. والانتماء. حيث التجليات. وإسقاطات الضوء في مؤثرات حسية . بصرية. ليكون المناخ اللوني والجمالي . متوافق أصلا بعوالم اللوحة ومفاتنها في واقعية المحاكاة . وذهنية التواصل مابين عين الفنان ومهاراته الإبداعية. المليئة بالخيارات الإبداعية. والإيثار والدافعية. لفنان ظل وفيا لأسلوبيته المنهجية والأكاديمية حتى اللوحة الأخيرة .
حيدر الياسري كلما غطى حلمه . لحاف . أصبح المساء مهر أنيق . كي يلتقط الأسماء في الذاكرة. ويكتب الإمطار . نزف روح البروق . صار حدوة البكاء المر. مقعد الثمالة . الأخيرة. لان مابين البصرة والسياب و الجواهري . والخيول المتآكلة . شط وقارب ومزاج ونهار مكفهر في فضاء يرفض المساومة. على حقيقة. سياط الجلاد الملعون والمقبور. في كنف تراب الأحقاد . لهذا انتزع الفنان . حرية الإنسان . ورسم في موسيقى الأيام . أسطورة سيمفونية . عهد يرفض الجلاد . بعدما ( عاش القائد ومات القائد ) حيث لا أمل . في طمأنينة الأفق . دون روح المسافة الفاصلة مابين عين الفنان وعين الرقيب . وما بينهما من مسافة باردة. لازال يرفضها الفنان / الحيدر.
لأنها لا توشي للعصافير بقبعة تستجمع الدهشة. بعدما آكل الاغتراب ومرارة الأزمان والمسافات . من حلم إنسانية الفنان . المستفرد بالعذاب / الحلو . المر.
ليرسم جنازات الأيام .والإزهار والمواكب. والمآذن . والصواعق و البروق . وحافات الهاوية. والقلوب المطعونة. وجلجلة الأوطان القتيلة. في ذكريات الإعراس الدموية المرة. حيث أجلاف البدو . في مضاربهم البربرية. و الاهوار تلبس عباءات الليل . في تحولات المدن الجريحة. ونساء المقابر والمدافن الكريمة. ومآتم الهواء المر والأناشيد والغناء الديني الحزين وحوافر الخيل الحزينة. حيث لا غبار. على شط العرب. طالما الأنهار المحفورة في الذاكرة ( نهري دجلة والفرات ) تعانق تماثيل البصرة . والقصب مربط بسفائنها المطلية بالقار . ولا عباءة لضريح من رماد . طالما الأوبئة والحروب والدمع واللقالق الملوية . أصبحت كتاب البصرة في باصات ضجة الجنوب . في شكل رواية ( رجال تحت الشمس )
ومن عتمة تلك الروح العاشقة والظلال . يحرس الفنان ( حيدر الياسري ) عالمه الإنساني وكأنه بيت مال المسلمين والمبدعين . والفنانين . والشعراء المساكين. وعلى خلخال رمل الجزيرة وبلاد الشام وكل دروب المدارات . والمطارات القريبة والبعيدة . و الحبانية. لازالت حبر جريدة الأيام الخوالي . ليرسمه الحيدر الياسري في شكل زهرة وتهويمه حكر الإبداع . من شرق الفرات إلى شمال دجلة. ومن حاج عمران ومجد آشور و مندلي وبعقوبة وبغداد القتيلة. وذكريات هولاكو . هذي حروب رأس الفنان . حتى لو رسم بجغرافيا اللون الجميل والمدهش. لتبقى حفريات بلاده . هي كل المؤلفات الجمالية والتشكيلية الكاملة لإبداعه، المغرد بملحوظة باذخة، بعلامات الظفر التشكيلي العراقي العالمي الأخير.

حيدر الياسري ( سيرة أبداعية)

..........
مواليد العراق عام 1965م ويقيم الآن في ديترويت/ مشغن بالولايات المتحدة الأمريكية
وهو خريج معهد الفنون الجميلة في البصرة
ويحمل دبلوم عام 1987 - 1988م .
وهو عضو جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين.
وهو عضو نقابة الفنانين العراقيين.
وهو عضو جمعية الفنانين التشكيليين الأمريكان للبورتريت.
وهو عضو أفريقيان أمريكان كروب للفنون التشكيلية ، وهو عضو جمعية الفنانين الأسبان الأمريكان .
وهو رسام كاريكاتير في الصحف المحلية العراقية عام 1984م.
وقد أقام معرضين شخصين في الكاريكاتير السياسي والثاني من مواد مختلفة ومجموعة أعمال زيتية ومائية .
وشارك في العديد من المعارض العالمية والمحلية في داخل العراق وخارجه.
وحاصل على شهادة Farmington Hills our commuinty's Heritage
وشهادة تقديرية من Radio E.O.F WNZK 68.AM.
وشهادة تقديرية American society of portraiture's.
وشهادة تقديرية American Heritage council Arab.
وهو المدير الفني لمجلة صفحات لرابطة القلم العربي الأمريكي في ميشيغان.
واحد مؤسسي رابطة الفنانين التشكيليين العراقيين في أمريكا.
ويعمل حاليا رسام كاريكاتير ومحرر في جريدة صوت الاتحاد ( الاتحاد الديمقراطي)

المصدر

http://www.adabfan.com/composition/8556.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق